السلف الصالح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعوالتابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذالأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 .كتاب الطهارة:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin
المدير العام


عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 26/08/2015
الموقع : ليبيا /بنغازي

.كتاب الطهارة: Empty
مُساهمةموضوع: .كتاب الطهارة:   .كتاب الطهارة: I_icon_minitimeالسبت أغسطس 29, 2015 7:00 am



1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات- وفي رواية: بالنية- وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح- بكسر الراء المهملة بعدها ياء آخر الحروف وبعدها حاء مهملة- ابن عبد الله بن قرط بن رزاح- بفتح الراء المهملة بعدها زاي معجمة وحاء مهملة- بن عدي بن كعب القرشي العدوي يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي: أسلم بمكة قديما وشهد المشاهد كلها وولي الخلافة بعد أبي بكر الصديق وقتل سنة ثلاث وعشرين من الهجرة في ذي الحجة لأربع مضين وقيل لثلاث.
ثم الكلام على هذا الحديث من وجوه:
أحدها: أن المصنف رحمه الله بدأ به لتعلقه بالطهارة وامتثل قول من قال من المتقدمين: إنه ينبغي أن يبتدأ به في كل تصنيف ووقع موافقا لما قاله.
الثاني: كلمة (إنما) للحصر على ما تقرر في الأصول فإن ابن عباس رضي الله عنهما فهم الحصر من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الربا في النسيئة» وعورض بدليل آخر يقتضي تحريم ربا الفضل ولم يعارض في فهمه للحصر وفي ذلك اتفاق على أنها للحصر ومعنى الحصر فيها: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه وهل نفيه عما عداه: بمقتضى موضوع اللفظ أو هو من طريق المفهوم؟ فيه بحث.
الثالث: إذا ثبت أنها للحصر: فتارة تقتضي الحصر المطلق وتارة تقتضي حصرا مخصوصا ويفهم ذلك بالقرائن والسياق كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7] وظاهر ذلك: الحصر للرسول صلى الله عليه وسلم في النذارة والرسول لا ينحصر في النذارة بل له أوصاف جميلة.
كثيرة كالبشارة وغيرها ولكن مفهوم الكلام يقتضي حصره في النذارة لمن يؤمن ونفى كونه قادرا على إنزال ما شاء الكفار من الآيات.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي» معناه: حصره في البشرية بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن الخصوم لا بالنسبة إلى كل شيء فإن للرسول صلى الله عليه وسلم أوصافا أخر كثيرة وكذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ} [محمد: 36] يقتضي- والله أعلم- الحصر باعتبار من آثرها وأما بالنسبة إلى ما هو في نفس الأمر: فقد تكون سبيلا إلى الخيرات أو يكون ذلك من باب التغليب للأكثر في الحكم على الأقل فإذا وردت لفظة إنما فاعتبرها فإن دل السياق والمقصود من الكلام على الحصر في شيء مخصوص: فقل به وإن لم يكن في شيء مخصوص: فاحمل الحصر على الإطلاق ومن هذا: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» والله أعلم.
الرابع: ما يتعلق بالجوارح وبالقلوب قد يطلق عليه عمل ولكن الأسبق إلى الفهم: تخصيص العمل بأفعال الجوارح وإن كان ما يتعلق بالقلوب فعلا للقلوب أيضا ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصص الأعمال بما لا يكون قولا وأخرج الأقوال من ذلك وفي هذا عندي بعد وينبغي أن يكون لفظ العمل يعم جميع أفعال الجوارح نعم لو كان خصص بذلك لفظ الفعل لكان أقرب فإنهم استعملوها متقابلين فقالوا: الأفعال والأقوال ولا تردد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضا والله أعلم.
الخامس: قوله صلى الله عليه وسلم: «الأعمال بالنيات» لابد فيه من حذف مضاف فاختلف الفقهاء في تقديره فالذين اشترطوا النية قدروا: صحة الأعمال بالنيات أو ما يقاربه والذين لم يشترطوها: قدروه كمال الأعمال بالنيات أو ما يقاربه.
وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم للشيء: كان أقرب إلى خطوره بالبال عند إطلاق اللفظ فكان الحمل عليه أولى.
وكذلك قد يقدرونه إنما اعتبار الأعمال بالنيات وقد قرب ذلك بعضهم بنظائر من المثل كقولهم: إنما الملك بالرجال أي قوامه ووجوده وإنما الرجال بالمال وإنما المال بالرعية وإنما الرعية بالعدل كل ذلك يراد به: أن قوام هذه الأشياء بهذه الأمور.
السادس: قوله صلى الله عليه وسلم: «وإنما لكل امرئ ما نوى» يقتضي أن من نوى شيئا يحصل له وكل ما لم ينوه لم يحصل له فيدخل تحت ذلك ما لا ينحصر من المسائل ومن هذا عظموا هذا الحديث فقال بعضهم: يدخل في حديث: «الأعمال بالنيات» ثلثا العلم فكل مسألة خلافية.
حصلت فيها نية فلك أن تستدل بهذا على حصول المنوي وكل مسألة خلافية لم تحصل فيها نية فلك أن تستدل بهذا على عدم حصول ما وقع في النزاع: (وسيأتي ما يقيد هذا الإطلاق) فإن جاء دليل من خارج يقتضي أن المنوي لم يحصل أو أن غير المنوي يحصل وكان راجحا: عمل به وخصص هذا العموم.
السابع: قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله» اسم الهجرة يقع على أمور الهجرة الأولى: إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة, الهجرة الثانية: من مكة إلى المدينة, الهجرة الثالثة: هجرة القبائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتعلم الشرائع ثم يرجعون إلى المواطن ويعلمون قومهم, الهجرة الرابعة: هجرة من أسلم من أهل مكة ليأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى مكة الهجرة الخامسة: هجرة ما نهى الله عنه.
ومعنى الحديث وحكمه يتناول الجميع غير أن السبب يقتضي: أن المراد بالحديث الهجرة من مكة إلى المدينة لأنهم نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس فسمي مهاجر أم قيس ولهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما تنوى به الهجرة من أفراد الأغراض الدنيوية ثم أتبع بالدنيا.
الثامن: المتقرر عند أهل العربية: أن الشرط والجزاء والمبتدأ أو الخبر لابد وأن يتغايرا وهاهنا وقع الاتحاد في قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» وجوابه: أن التقدير: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا فهجرته إلى الله ورسوله حكما وشرعا.
التاسع: شرع بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيف في أسباب الحديث كما صنف في أسباب النزول للكتاب العزيز فوقفت من ذلك على شيء يسير له وهذا الحديث- على ما قدمنا من الحكاية عن مهاجر أم قيس- واقع على سبب يدخله في هذا القبيل وتنضم إليه نظائر كثيرة لمن قصد تتبعه.
العاشر: فرق بين قولنا من نوى شيئا لم يحصل له غيره وبين قولنا من لم ينو الشيء لم يحصل له والحديث محتمل للأمرين أعني قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» وآخره يشير إلى المعنى الأول أعني قوله: «ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ».
أبو هريرة في اسمه اختلاف شديد وأشهره: عبد الرحمن بن صخر أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أحفظ الصحابة سكن المدينة وتوفي- قال خليفة: سنة سبع وخمسين وقال الهيثم: سنة ثمان وقال الواقدي سنة تسع وهو الأصح وهو ابن ثمان وسبعين سنة والله أعلم.
ثم الكلام عليه من وجوه:
أحدها: القبول وتفسير معناه قد استدل جماعة من المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة كما قالوا في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» أي من بلغت سن المحيض.
والمقصود بهذا الحديث: الاستدلال على اشتراط الطهارة من الحدث في صحة الصلاة ولا يتم ذلك إلا بأن يكون انتفاء القبول دليلا على انتفاء الصحة.
وقد حرك المتأخرون في هذا بحثا لأن انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة كالعبد إذا أبق لا تقبل له صلاة وكما ورد فيمن أتى عرافا وفي شارب الخمر.
فإذا أريد تقرير الدليل على انتفاء الصحة مع انتفاء القبول فلابد من تفسير معنى القبول وقد فسر بأنه ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء يقال: قبل فلان عذر فلان: إذا رتب على عذره الغرض المطلوب منه وهو محو الجناية والذنب.
فإذا ثبت ذلك فيقال مثلا في هذا المكان: الغرض من الصلاة: وقوعها مجزئة بمطابقتها للأمر فإذا حصل هذا الغرض: ثبت القبول على ما ذكر من التفسير وإذا ثبت القبول على هذا التفسير: ثبتت الصحة وإذا انتفى القبول على هذا التفسير: انتفت الصحة.
وربما قيل من جهة بعض المتأخرين: إن القبول كون العبادة بحيث يترتب الثواب والدرجات عليها والإجزاء كونها مطابقة للأمر والمعنيان إذا تغايرا وكان أحدهما أخص من الآخر: لم يلزم من نفي الأخص نفي الأعم.
والقبول على هذا التفسير: أخص من الصحة فإن كل مقبول صحيح وليس كل صحيح مقبولا وهذا- إن نفع في تلك الأحاديث التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة- فإنه يضر في الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة كما حكينا عن الأقدمين.
اللهم إلا أن يقال: دل الدليل على كون القبول من لوازم الصحة فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة حينئذ ويحتاج في تلك الأحاديث- التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة- إلى تأويل أو تخريج جواب على أنه يرد على من فسر القبول بكون العبادة مثابا عليها أو مرضية أو ما أشبه ذلك- إذا كان مقصوده بذلك: أن لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة: أن يقال: القواعد الشرعية تقتضي: أن العبادة إذا أتى بها مطابقة للأمر كانت سببا للثواب والدرجات والإجزاء والظواهر في ذلك لا تنحصر.
الوجه الثاني: في تفسير معنى الحدث فقد يطلق بإزاء معان ثلاثة.
أحدها: الخارج المخصوص الذي يذكره الفقهاء في باب نواقض الوضوء يقولون: الأحداث كذا وكذا.
الثاني: نفس خروج ذلك الخارج.
الثالث: المنع المرتب على ذلك الخروج.
وبهذا المعنى يصح قولنا رفعت الحدث ونويت رفع الحدث فإن كل واحد من الخارج والخروج قد وقع وما وقع يستحيل رفعه بمعنى أن لا يكون واقعا.
وأما المنع المرتب على الخروج: فإن الشارع حكم به ومد غايته إلى استعمال المكلف الطهور فباستعماله يرتفع المنع فيصح قولنا رفعت الحدث وارتفع الحدث أي ارتفع المنع الذي كان ممدودا إلى استعمال المطهر.
وبهذا التحقيق يقوى قول من يرى أن التيمم يرفع الحدث لأنا لما بينا أن المرتفع: هو المنع من الأمور المخصوصة وذلك المنع مرتفع بالتيمم فالتيمم يرفع الحدث غاية ما في الباب: أن رفعه للحدث مخصوص بوقت ما أو بحالة ما وهي عدم الماء وليس ذلك ببدع فإن الأحكام قد تختلف باختلاف محالها.
وقد كان الوضوء في صدر الإسلام واجبا لكل صلاة على ما حكوه ولا شك أنه كان.
رافعا للحدث في وقت مخصوص وهو وقت الصلاة ولم يلزم من انتهائه بانتهاء وقت الصلاة في ذلك الزمن: أن لا يكون رافعا للحدث ثم نسخ ذلك الحكم عند الأكثرين ونقل عن بعضهم أنه مستمر ولا نشك أنه لا يقول: إن الوضوء لا يرفع الحدث.
نعم هاهنا معنى رابع يدعيه كثير من الفقهاء وهو أن الحدث وصف حكمي مقدر قيامه بالأعضاء على مقتضى الأوصاف الحسية وينزلون ذلك الحكمي منزلة الحسي في قيامه بالأعضاء فما نقول: إنه يرفع الحدث- كالوضوء والغسل- يزيل ذلك الأمر الحكمي فيزول المنع المرتب على ذلك الأمر المقدر الحكمي وما نقول بأنه لا يرفع الحدث فذلك المعنى المقدر القائم بالأعضاء حكما باق لم يزل والمنع المرتب عليه زائل.
فبهذا الاعتبار نقول: إن التيمم لا يرفع الحدث يمعنى أنه لم يزل ذلك الوصف الحكمي المقدر وإن كان المنع زائلا.
وحاصل هذا: أنهم أبدوا للحدث معنى رابعا غير ما ذكرناه من الثلاثة المعاني وجعلوه مقدرا قائما بالأعضاء حكما كالأوصاف الحسية وهم مطالبون بدليل شرعي يدل على إثبات هذا المعنى الرابع الذي ادعوه مقدرا قائما بالأعضاء فإنه منفي بالحقيقة والأصل موافقة الشرع لها ويبعد أن يأتوا بدليل على ذلك.
وأقرب ما يذكر فيه: أن الماء مستعمل قد انتقل إليه المانع كما يقال والمسألة متنازع فيها فقد قال جماعة بطهورية الماء المستعمل ولو قيل بعدم طهوريته أو بنجاسته: لم يلزم منه انتقال مانع إليه فلا يتم الدليل والله أعلم.

1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات- وفي رواية: بالنية- وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح- بكسر الراء المهملة بعدها ياء آخر الحروف وبعدها حاء مهملة- ابن عبد الله بن قرط بن رزاح- بفتح الراء المهملة بعدها زاي معجمة وحاء مهملة- بن عدي بن كعب القرشي العدوي يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي: أسلم بمكة قديما وشهد المشاهد كلها وولي الخلافة بعد أبي بكر الصديق وقتل سنة ثلاث وعشرين من الهجرة في ذي الحجة لأربع مضين وقيل لثلاث.
ثم الكلام على هذا الحديث من وجوه:
أحدها: أن المصنف رحمه الله بدأ به لتعلقه بالطهارة وامتثل قول من قال من المتقدمين: إنه ينبغي أن يبتدأ به في كل تصنيف ووقع موافقا لما قاله.
الثاني: كلمة (إنما) للحصر على ما تقرر في الأصول فإن ابن عباس رضي الله عنهما فهم الحصر من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الربا في النسيئة» وعورض بدليل آخر يقتضي تحريم ربا الفضل ولم يعارض في فهمه للحصر وفي ذلك اتفاق على أنها للحصر ومعنى الحصر فيها: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه وهل نفيه عما عداه: بمقتضى موضوع اللفظ أو هو من طريق المفهوم؟ فيه بحث.
الثالث: إذا ثبت أنها للحصر: فتارة تقتضي الحصر المطلق وتارة تقتضي حصرا مخصوصا ويفهم ذلك بالقرائن والسياق كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7] وظاهر ذلك: الحصر للرسول صلى الله عليه وسلم في النذارة والرسول لا ينحصر في النذارة بل له أوصاف جميلة.
كثيرة كالبشارة وغيرها ولكن مفهوم الكلام يقتضي حصره في النذارة لمن يؤمن ونفى كونه قادرا على إنزال ما شاء الكفار من الآيات.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي» معناه: حصره في البشرية بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن الخصوم لا بالنسبة إلى كل شيء فإن للرسول صلى الله عليه وسلم أوصافا أخر كثيرة وكذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ} [محمد: 36] يقتضي- والله أعلم- الحصر باعتبار من آثرها وأما بالنسبة إلى ما هو في نفس الأمر: فقد تكون سبيلا إلى الخيرات أو يكون ذلك من باب التغليب للأكثر في الحكم على الأقل فإذا وردت لفظة إنما فاعتبرها فإن دل السياق والمقصود من الكلام على الحصر في شيء مخصوص: فقل به وإن لم يكن في شيء مخصوص: فاحمل الحصر على الإطلاق ومن هذا: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» والله أعلم.
الرابع: ما يتعلق بالجوارح وبالقلوب قد يطلق عليه عمل ولكن الأسبق إلى الفهم: تخصيص العمل بأفعال الجوارح وإن كان ما يتعلق بالقلوب فعلا للقلوب أيضا ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصص الأعمال بما لا يكون قولا وأخرج الأقوال من ذلك وفي هذا عندي بعد وينبغي أن يكون لفظ العمل يعم جميع أفعال الجوارح نعم لو كان خصص بذلك لفظ الفعل لكان أقرب فإنهم استعملوها متقابلين فقالوا: الأفعال والأقوال ولا تردد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضا والله أعلم.
الخامس: قوله صلى الله عليه وسلم: «الأعمال بالنيات» لابد فيه من حذف مضاف فاختلف الفقهاء في تقديره فالذين اشترطوا النية قدروا: صحة الأعمال بالنيات أو ما يقاربه والذين لم يشترطوها: قدروه كمال الأعمال بالنيات أو ما يقاربه.
وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم للشيء: كان أقرب إلى خطوره بالبال عند إطلاق اللفظ فكان الحمل عليه أولى.
وكذلك قد يقدرونه إنما اعتبار الأعمال بالنيات وقد قرب ذلك بعضهم بنظائر من المثل كقولهم: إنما الملك بالرجال أي قوامه ووجوده وإنما الرجال بالمال وإنما المال بالرعية وإنما الرعية بالعدل كل ذلك يراد به: أن قوام هذه الأشياء بهذه الأمور.
السادس: قوله صلى الله عليه وسلم: «وإنما لكل امرئ ما نوى» يقتضي أن من نوى شيئا يحصل له وكل ما لم ينوه لم يحصل له فيدخل تحت ذلك ما لا ينحصر من المسائل ومن هذا عظموا هذا الحديث فقال بعضهم: يدخل في حديث: «الأعمال بالنيات» ثلثا العلم فكل مسألة خلافية.
حصلت فيها نية فلك أن تستدل بهذا على حصول المنوي وكل مسألة خلافية لم تحصل فيها نية فلك أن تستدل بهذا على عدم حصول ما وقع في النزاع: (وسيأتي ما يقيد هذا الإطلاق) فإن جاء دليل من خارج يقتضي أن المنوي لم يحصل أو أن غير المنوي يحصل وكان راجحا: عمل به وخصص هذا العموم.
السابع: قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله» اسم الهجرة يقع على أمور الهجرة الأولى: إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة, الهجرة الثانية: من مكة إلى المدينة, الهجرة الثالثة: هجرة القبائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتعلم الشرائع ثم يرجعون إلى المواطن ويعلمون قومهم, الهجرة الرابعة: هجرة من أسلم من أهل مكة ليأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى مكة الهجرة الخامسة: هجرة ما نهى الله عنه.
ومعنى الحديث وحكمه يتناول الجميع غير أن السبب يقتضي: أن المراد بالحديث الهجرة من مكة إلى المدينة لأنهم نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس فسمي مهاجر أم قيس ولهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما تنوى به الهجرة من أفراد الأغراض الدنيوية ثم أتبع بالدنيا.
الثامن: المتقرر عند أهل العربية: أن الشرط والجزاء والمبتدأ أو الخبر لابد وأن يتغايرا وهاهنا وقع الاتحاد في قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» وجوابه: أن التقدير: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا فهجرته إلى الله ورسوله حكما وشرعا.
التاسع: شرع بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيف في أسباب الحديث كما صنف في أسباب النزول للكتاب العزيز فوقفت من ذلك على شيء يسير له وهذا الحديث- على ما قدمنا من الحكاية عن مهاجر أم قيس- واقع على سبب يدخله في هذا القبيل وتنضم إليه نظائر كثيرة لمن قصد تتبعه.
العاشر: فرق بين قولنا من نوى شيئا لم يحصل له غيره وبين قولنا من لم ينو الشيء لم يحصل له والحديث محتمل للأمرين أعني قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» وآخره يشير إلى المعنى الأول أعني قوله: «ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ».
أبو هريرة في اسمه اختلاف شديد وأشهره: عبد الرحمن بن صخر أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أحفظ الصحابة سكن المدينة وتوفي- قال خليفة: سنة سبع وخمسين وقال الهيثم: سنة ثمان وقال الواقدي سنة تسع وهو الأصح وهو ابن ثمان وسبعين سنة والله أعلم.
ثم الكلام عليه من وجوه:
أحدها: القبول وتفسير معناه قد استدل جماعة من المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة كما قالوا في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» أي من بلغت سن المحيض.
والمقصود بهذا الحديث: الاستدلال على اشتراط الطهارة من الحدث في صحة الصلاة ولا يتم ذلك إلا بأن يكون انتفاء القبول دليلا على انتفاء الصحة.
وقد حرك المتأخرون في هذا بحثا لأن انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة كالعبد إذا أبق لا تقبل له صلاة وكما ورد فيمن أتى عرافا وفي شارب الخمر.
فإذا أريد تقرير الدليل على انتفاء الصحة مع انتفاء القبول فلابد من تفسير معنى القبول وقد فسر بأنه ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء يقال: قبل فلان عذر فلان: إذا رتب على عذره الغرض المطلوب منه وهو محو الجناية والذنب.
فإذا ثبت ذلك فيقال مثلا في هذا المكان: الغرض من الصلاة: وقوعها مجزئة بمطابقتها للأمر فإذا حصل هذا الغرض: ثبت القبول على ما ذكر من التفسير وإذا ثبت القبول على هذا التفسير: ثبتت الصحة وإذا انتفى القبول على هذا التفسير: انتفت الصحة.
وربما قيل من جهة بعض المتأخرين: إن القبول كون العبادة بحيث يترتب الثواب والدرجات عليها والإجزاء كونها مطابقة للأمر والمعنيان إذا تغايرا وكان أحدهما أخص من الآخر: لم يلزم من نفي الأخص نفي الأعم.
والقبول على هذا التفسير: أخص من الصحة فإن كل مقبول صحيح وليس كل صحيح مقبولا وهذا- إن نفع في تلك الأحاديث التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة- فإنه يضر في الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة كما حكينا عن الأقدمين.
اللهم إلا أن يقال: دل الدليل على كون القبول من لوازم الصحة فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة حينئذ ويحتاج في تلك الأحاديث- التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة- إلى تأويل أو تخريج جواب على أنه يرد على من فسر القبول بكون العبادة مثابا عليها أو مرضية أو ما أشبه ذلك- إذا كان مقصوده بذلك: أن لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة: أن يقال: القواعد الشرعية تقتضي: أن العبادة إذا أتى بها مطابقة للأمر كانت سببا للثواب والدرجات والإجزاء والظواهر في ذلك لا تنحصر.
الوجه الثاني: في تفسير معنى الحدث فقد يطلق بإزاء معان ثلاثة.
أحدها: الخارج المخصوص الذي يذكره الفقهاء في باب نواقض الوضوء يقولون: الأحداث كذا وكذا.
الثاني: نفس خروج ذلك الخارج.
الثالث: المنع المرتب على ذلك الخروج.
وبهذا المعنى يصح قولنا رفعت الحدث ونويت رفع الحدث فإن كل واحد من الخارج والخروج قد وقع وما وقع يستحيل رفعه بمعنى أن لا يكون واقعا.
وأما المنع المرتب على الخروج: فإن الشارع حكم به ومد غايته إلى استعمال المكلف الطهور فباستعماله يرتفع المنع فيصح قولنا رفعت الحدث وارتفع الحدث أي ارتفع المنع الذي كان ممدودا إلى استعمال المطهر.
وبهذا التحقيق يقوى قول من يرى أن التيمم يرفع الحدث لأنا لما بينا أن المرتفع: هو المنع من الأمور المخصوصة وذلك المنع مرتفع بالتيمم فالتيمم يرفع الحدث غاية ما في الباب: أن رفعه للحدث مخصوص بوقت ما أو بحالة ما وهي عدم الماء وليس ذلك ببدع فإن الأحكام قد تختلف باختلاف محالها.
وقد كان الوضوء في صدر الإسلام واجبا لكل صلاة على ما حكوه ولا شك أنه كان.
رافعا للحدث في وقت مخصوص وهو وقت الصلاة ولم يلزم من انتهائه بانتهاء وقت الصلاة في ذلك الزمن: أن لا يكون رافعا للحدث ثم نسخ ذلك الحكم عند الأكثرين ونقل عن بعضهم أنه مستمر ولا نشك أنه لا يقول: إن الوضوء لا يرفع الحدث.
نعم هاهنا معنى رابع يدعيه كثير من الفقهاء وهو أن الحدث وصف حكمي مقدر قيامه بالأعضاء على مقتضى الأوصاف الحسية وينزلون ذلك الحكمي منزلة الحسي في قيامه بالأعضاء فما نقول: إنه يرفع الحدث- كالوضوء والغسل- يزيل ذلك الأمر الحكمي فيزول المنع المرتب على ذلك الأمر المقدر الحكمي وما نقول بأنه لا يرفع الحدث فذلك المعنى المقدر القائم بالأعضاء حكما باق لم يزل والمنع المرتب عليه زائل.
فبهذا الاعتبار نقول: إن التيمم لا يرفع الحدث يمعنى أنه لم يزل ذلك الوصف الحكمي المقدر وإن كان المنع زائلا.
وحاصل هذا: أنهم أبدوا للحدث معنى رابعا غير ما ذكرناه من الثلاثة المعاني وجعلوه مقدرا قائما بالأعضاء حكما كالأوصاف الحسية وهم مطالبون بدليل شرعي يدل على إثبات هذا المعنى الرابع الذي ادعوه مقدرا قائما بالأعضاء فإنه منفي بالحقيقة والأصل موافقة الشرع لها ويبعد أن يأتوا بدليل على ذلك.
وأقرب ما يذكر فيه: أن الماء مستعمل قد انتقل إليه المانع كما يقال والمسألة متنازع فيها فقد قال جماعة بطهورية الماء المستعمل ولو قيل بعدم طهوريته أو بنجاسته: لم يلزم منه انتقال مانع إليه فلا يتم الدليل والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alslf.ahlamontada.com
 
.كتاب الطهارة:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الرضاع:
» كتاب القصاص:
» كتاب الحدود:
» كتاب الأطعمة:
» كتاب الأشربة:

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السلف الصالح :: الفئة الأولى :: الاحاديث الصحيحه :: كتاب الطهارة:-
انتقل الى: