السلف الصالح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعوالتابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذالأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب اللعان:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin
المدير العام


عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 26/08/2015
الموقع : ليبيا /بنغازي

كتاب اللعان: Empty
مُساهمةموضوع: كتاب اللعان:   كتاب اللعان: I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 01, 2015 11:49 pm



1- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن فلان بن فلان, قال: يا رسول الله أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فتلاهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعاها فوعظها وأخبرها: أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله: إنه لمن الصادقين والخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله: إنه لمن الكاذبين والخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما ثم قال: «إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟- ثلاثا».
وفي لفظ: «لا سبيل لك عليها» قال: يا رسول الله مالي؟ قال: «لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت فهو أبعد لك منها».
اللعان لفظة مشتقة من اللعن سميت بذلك لما في اللفظ من ذكر اللعنة.
وقوله: (أرأيت لو أن أحدنا) يحتمل أن يكون سؤالا عن أمر لم يقع فيؤخذ منه: جوز مثل ذلك والاستعداد للوقائع بعلم أحكامها قبل أن تقع وعليه استمر عمل الفقهاء فيما فرعوه وقرروه من النازل قبل وقوعها وقد كان السلف من يكره الحديث في الشيء قبل أن يقع ويراه من ناحية التكلف.
وقول الراوي: فلما كان بعد ذلك: أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون السؤال عما لم يقع ثم وقع.
والثاني: أن يكون السؤال أولا عما وقع وتأخر الأمر في جوابه فبين ضرورته إلى معرفة الحكم.
والحديث يدل على أن سؤاله سبب نزول الآية وتلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لها عليه: لتعريف الحكم والعمل بمقتضاها وموعظة النبي صلى الله عليه وسلم: قد ذكر الفقهاء استحبابها عندما تريد المرأة أن تلفظ بالغضب وظاهر هذه الرواية: أنه لا يختص بالمرأة فإنه ذكره فيها وفي الرجل فلعل هذه موعظة عامة ولا شك أن الرجل متعرض للعذاب وهو حد القذف كما أن المرأة متعرضة للعذاب الذي هو الرجم إلا أن عذابها أشد.
وظاهر لفظ الحديث والكتاب العزيز: يقتضي تعيين لفظ الشهادة وذلك يقتضي أن لا تبدل بغيرها.
والحديث يقتضي أيضا: البداءة بالرجل وكذلك لفظ الكتاب العزيز لقوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] إن الدرء يقتضي وجوب سبب العذاب عليها وذلك بلعان الزوج واختصت المرأة بلفظ الغضب لعظم الذنب بالنسبة إليها على تقدير وقوعه لما فه من تلويث الفراش والتعرض لإلحاق من ليس من الزوج به وذلك أمر عظيم يترتب عليه مفاسد كثيرة كانتشار المحرمية وثبوت الولاية على الإناث واستحقاق الأموال بالتوارث فلا جرم خصت بلفظة الغضب التي هي أشد من اللعنة ولذلك قالوا: لو أبدلت المرأة الغضب باللعنة: لم يكتف به أما لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب: فقد اختلفوا فيه والأولى اتباع النص.
وفي الحديث: دليل على إجراء الأحكام على الظاهر وعرض التوبة على المذنبين وقد يؤخذ منه: أن الزوج لو رجع وأكذب نفسه: كان توبة ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى التوبة فيما بينهما وبين الله.
وقوله عليه السلام: «لا سبيل لك عليها» يمكن أن يؤخذ منه: وقوع التفريق بينهما باللعان لعموم قوله: «لا سبيل لك عليها» ويحتمل أن يكون «لا سبيل لك عليها» راجعا إلى المال.
وقوله: «إن كنت صادقا عليها فهو بما استحللت من فرجها» دليل على استقرار المهر بالدخول وعلى استقرار مهر الملاعنة أما هذا: فبالنص وأما الأول: فبتعليله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: «بما استحللت من فرجها» فيه دليل على أنه لا يستقر ولو أكذبت نفسها لوجود العلة المذكورة والله أعلم.
2- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا (كما قال الله تعالى) ثم قضى بالولد للمرأة وفرق بين المتلاعنين.
هذه الرواية الثانية فيها زيادة نفي الولد وأنه يلتحق بالمرأة ويرثها بإرث البنوة منها, وتثبت أحكام البنوة بالنسبة إليها ومفهومه يقتضي انقطاع النسب إلى الأب مطلقا وقد ترددوا فيما لو كانت بنتا هل يحل للملاعن تزوجها؟.
وقوله: (فتلاعنا كما قال الله تعالى) ليس فيه ما يشعر بذكر نفي الولد في لعانه إلا بطريق الدلالة فإن كتاب الله يقتضي أن يشهد أنه لمن الصادقين وذلك راجع إلى ما ادعاه ودعواه قد اشتملت على نفي الولد.
وقوله: (فرق بين المتلاعنين) يقتضي أن اللعان موجب للفرقة ظاهرا.
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسودا, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل لك إبل؟», قال: نعم قال: «فما ألوانها؟» قال: حمر قال: «فهل يكون فيها من أورق؟», قال: إن فيها لورقا, قال: «فأنى أتاها ذلك؟» قال: عسى أن يكون نزعه عرق, قال: «وهذا عسى أن يكون نزعة عرق».
فيه ما يشعر بأن التعريض بنفي الولد لا يوجب حدا كما قيل وفيه نظر لأنه جاء على سبيل الاستفتاء والضرورة داعية إلى ذكره وإلى عدم ترتب الحد أو التعزير على المستفتين.
وفيه دليل على أن المخالفة في اللون بين الأب والابن- بالبياض والسواد- لا تبيح الانتفاء وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الحكم والتعليل وأجاز بعضهم في السواد الشديد مع البياض الشديد والورقة لون يميل إلى الغبرة كلون الرماد يسمى أورق والجمع ورق بضم الواو وسكون الراء.
واستدل به الأصوليون على العمل بالقياس فإن النبي صلى الله عليه وسلم حصل منه التشبيه لولد هذا الرجل المخالف للونه بولد الإبل المخالف لألوانها وذكر العلة الجامعة وهي نزع العرق إلا أنه تشبيه في أمر وجودي والذي حصلت المنازعة فيه: هو التشبيه في الأحكام الشرعية.
4- عن عائشة رضي الله عنها قال: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد: يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال: «هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة» فلم ير سودة قط.
يقال زمعة بإسكان الميم وهو الأكثر ويقال زمعة بفتح الميم أيضا.
والحديث أصل في إلحاق الولد صاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء محرم وقد استدل به بعض المالكية على قاعدة من قواعدهم وأصل من أصول المذهب وهو الحكم بين حكمين وذلك أن يكون الفرع يأخذ مشابهة من أصول متعددة: فيعطى أحكاما مختلفة ولا يمحض لأحد الأصول.
وبيانه من الحديث: أن الفراش مقتض لإلحاقه بزمعة والشبه البين مقتض لإلحاقه بعتبة فأعطي النسب بمقتضى الفراش وألحق بزمعة وروعي أمر الشبه بأمر سودة بالاحتجاب منه فأعطي الفرع حكما بين حكمين فلم يمحض أمر الفراش فتثبت المحرمية بينه وبين سودة ولا روعي أمر الشبه مطلقا فيلتحق بعتبة.
قالوا: وهذه أولى التقديرات فإن الفرع إذا دار بين أصلين فألحق بأحدهما مطلقا فقد أبطل شبهه الثاني من وكل وجه وكذلك إذا فعل بالثاني ومحض إلحاقه به: كان إبطالا لحكم شبهه بالأول فإذا ألحق بكل واحد منهما من وجه: كان أولى من إلغاء أحدهما من كل وجه.
ويعترض على هذا بأن صورة النزاع: ما إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين يقتضي الشرع إلحاقه بكل واحد منهما من حيث النظر إليه وهاهنا لا يقتضي الشرع إلا إلحاق هذا الولد بالفراش والشبه هاهنا غير مقتض للإلحاق شرعا فيحمل قوله: «واحتجبي منه يا سودة» على سبيل الاحتياط والإرشاد إلى مصلحة وجودية لا على سبيل بيان حكم شرعي ويؤكده: أنا لو وجدنا شبها في ولد لغير صاحب الفراش لم يثبت لذلك حكما وليس في الاحتجاب هاهنا إلا ترك أمر مباح على تقدير ثبوت المحرمية وهو قريب.
وقوله عليه السلام: «هو لك» أي أخ وقوله عليه السلام: «الولد للفراش» أي تابع للفراش أو محكوم له للفراش أو يقارب هذا.
وقوله عليه السلام: «وللعاهر الحجر» قيل: إن معناه: أن له الخيبة مما ادعاه وطلبه كما يقال: لفلان التراب وكما جاء في الحديث الصحيح: «وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا» تعبيرا بذلك عن خيبته: وعدم استحقاقه لثمن الكلب وإنما لم يجروا اللفظ على ظاهره ويجعلوا الحجر هاهنا عبارة عن الرجم المستحق في حق الزاني: لأنه ليس كل عاهر يستحق الرجم وإنما يستحقه المحصن فلا يجرى لفظ العاهر على ظاهره في العموم أما إذا حملناه على ما ذكرناه من الخيبة: كان ذلك عاما في حق كل زان والأصل العمل بالعموم فيما تقتضيه صيغته.
5- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال: «ألم تري أن مجززا نظرا آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض».
وفي لفظ: «كان مجزز قائفا».
أسارير وجهه تعني الخطوط التي في الجبهة واحدها سرر وسرر وجمعه أسرار وجمع الجمع أسارير وقال الأصمعي: الخطوط التي تكون في الكف مثلها السرر- بفتح السين والراء- والسرر- بكسر السين.
استدل به فقهاء الحجاز ومن تبعهم على أصل من أصولهم وهو العمل بالقيافة حيث يشتبه إلحاق الولد بأحد الواطئين فهو طهر واحد لا في كل الصور بل في بعضها.
ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم سر بذلك وقال الشافعي رحمه الله: ولا يسر بباطل وخالفه أبو حنيفة وأصحابه واعتذارهم عن الحديث: أنه لم يقع فيه إلحاق متنازع فيه ولا هو وارد في محل النزاع فإن أسامة كان لاحقا بفراش زيد من غير منازع له فيه وإنما كان الكفار يطعنون في نسبه للتباين بين لونه ولون أبيه في السواد والبياض فلما غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما وألحق مجزز أسامة بزيد: كان ذلك إبطالا لطعن الكفار بسبب اعترافهم بحكم القيافة وإبطال طعنهم حق فلم يسر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بحق.
والأولون يجيبون: بأنه- وإن كان ذلك واردا في صورة خاصة- إلا أنه له جهة عامة وهي دلالة الأشباه على الأنساب فنأخذ هذه الجهة من الحديث ونعمل بها.
واختلف مذهب الشافعي في أن القيافة: هل تختص ببني مدلج أم لا؟ من حيث إن المعتبر في ذلك الأشباه وذلك غير خاص بهم أو يقال: إن لهم في ذلك قوة ليست لغيرهم ومحل النص إذا اختص بوصف يمكن اعتباره لم يمكن إلغاؤه لاحتمال أن يكون مقصودا للشارع.
ومجزز بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي المشددة المعجمة وبعدها زاي معجمة.
واختلف مذهب الشافعي أيضا في أنه هل يعتبر العدد في القائف أم يكتفي القائف الواحد؟ فإن مجززا انفرد بهذه القيافة ولا يرد على هذا لأنه ليس من محال الخلاف وإذا أخذ من هذا الحديث: الاكتفاء بالقائف الواحد فليس من محال الخلاف كما قدمنا.
وقوله آنفا أي في الزمن القريب من القول وقد ترك في هذه الرواية ذكر تغطية أسامة وزيد رؤوسهما وظهور أقدامهما وهي زيادة مفيدة جدا لما فيها من الدلالة على صدق القيافة وكان يقال: إن من علوم العرب ثلاثة: السيافة والعيافة والقيافة فأما السيافة: فهي شم تراب الأرض ليعلم بها الاستقامة على الطريق أو الخروج منها قال المعري:

أودي فليت الحادثات كفاف ** مال المسيف وعنبر المستاف


والمستاف هو هذا القاص وأما العيافة: فهي زجر الطير والطيرة والتفاؤل بهما وما قارب ذلك وأما السانح والبارح: ففي الوحش وفي الحديث: «العيافة والطيرة والطَرْقُ من الجبت» وهو الرمي بالحصا.
وأما القيافة: فهي ما نحن فيه وهو اعتبار الأشباه لإلحاق الأنساب.
6- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ذكر العزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ولم يفعل ذلك أحدكم؟»- ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم «فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها».
اختلف الفقهاء في حكم العزل فأباحه بعضهم مطلقا وقيل: فيه: إذا جاز ترك أصل الوطء جاز ترك الإنزال ورجح هذا بعض أصحاب الشافعي ومن الفقهاء من كرهه في الحرة إلا بإذنها وفي الزوجة إلا بإذن السيد لحقهما في الولد ولم يكرهه في السراري لما في ذلك- أعني الإنزال- من التعرض لإتلاف المالية وهذا مذهب المالكية.
وفي الحديث إشارة إلى إلحاق الولد وإن وقع العزل وهو مذهب أكثر الفقهاء.
7- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كنا نعزل والقرآن ينزل).
قال سفيان: (لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن).
يستدل به من يجيز العزل مطلقا واستدل جابر بالتقرير من الله تعالى على ذلك وهو استدلال غريب وكان يحتمل أن يكون الاستدلال بتقرير الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه مشروط بعلمه بذلك ولفظ الحديث لا يقتضي إلا الاستدلال بتقرير الله تعالى.
8- عن أبي ذر رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من رجل ادعى لغير أبيه- وهو يعلمه- إلا كفر ومن ادعى ما لي له: فليس منا وليتبوأ مقعده من النار ومن دعا رجلا بالكفر», أو قال: «عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه».
كذا عند مسلم وللبخاري نحوه.
يدل على تحريم الانتفاء من النسب المعروف والاعتزال إلى نسب غيره ولا شك أن ذلك كبيرة لما يتعلق به من المفاسد العظيمة وقد نبهنا على بعضها فيما مضى وشرط الرسول صلى الله عليه وسلم العلم لأن الأنساب قد تتراخى فيها مدد الآباء والأجداد ويتعذر العلم بحقيقتها وقد يقع اختلال في النسب في الباطن من جهة النساء ولا يشعر به فشرط العلم لذلك.
وقوله: «إلا كفر» متروك الظاهر عند الجمهور فيحتاجون إلى تأويله وقد يؤول بكفر النعمة أو بأنه أطلق عليه «كفر» لأنه قارب الكفر لعظم الذنب فيه تسمية للشيء باسم ما قاربه أو يقال: بتأويله على فاعل ذلك مستحلا له.
وقوله عليه السلام: «من ادعى ما ليس له» يدخل فيه الدعاوى الباطلة كلها ومنها: دعوى المال بغير حق وقد جعل الوعيد عليه بالنار لأنه لما قال: «فليتبوأ مقعده من النار» اقتضى ذلك تعيين دخوله النار لأن التخيير في الأوصاف فقط يشعر بثبوت الأصل.
وأقول: إن هذا الحديث يدخل تحته ما ذكره بعض الفقهاء في الدعاوى من نصب مسخر يدعي في بعض الصور حفظا لرسم الدعوى والجواب وهذا المسخر يدعي ما يعلم أنه ليس له والقاضي الذي يقيمه عالم بذلك أيضا وليس حفظ هذه القوانين من المنصوصات في الشرع حتى يخص بها هذا العموم والمقصود الأكبر في القضاء إيصال الحق إلى مستحقه فانخرام هذه المراسم الحكمية مع تحصيل مقصود القضاء وعدم تنصيص صاحب الشرع على وجوبها: أولى من مخالفة هذا الحديث والدخول تحت الوعيد العظيم الذي دل عليه وهذه طريقة أصحاب مالك أعني عدم التشديد في هذه المراسيم.
وقوله عليه السلام: «فليس منا» أخف مما مضى فيمن ادعى إلى غير أبيه لأنه أخف في المفسدة من الأولى إذا كانت الدعوى بالنسبة إلى المال وليس في اللفظ ما يقتضي الزيادة على الدعوى بأخذ المال المدعى به مثلا وقد يدخل تحت هذا اللفظ: الدعاوي الباطلة في العلوم إذا ترتبت عليها مفاسد.
وقوله: «فليس منا» قد تأوله بعض المتقدمين في غير هذا الوضع بأن قال: ليس مثلنا فرارا من القول بكفره وهذا كما يقول الأب لولده- إذا أنكر منه أخلاقا أو أعمالا- لست مني وكأنه من باب نفي الشيء لانتفاء ثمرته فإن المطلوب أن يكون الابن مساويا للأب فيما يريده من الأخلاق الجميلة فلما انتفت هذه الثمرة نفيت البنوة مبالغة وأما من وصف غيره.
بالكفر: فقد رتب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «حار عليه» بالحاء المهملة: أي رجع قال الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق:14] أي يرجع حيا وهذا وعيد عظيم لمن أكفر أحدا من المسلمين وليس كذلك هي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث لما اختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم وحكموا بكفرهم وخرق حجاب الهيبة في ذلك جماعة من الحشوية وهذا الوعيد لاحق بهم إذا لم يكن خصومهم كذلك.
وقد اختلف الناس في التكفير وسببه حتى صنف فيه مفردا والذي يرجع إليه النظر في هذا: أن مآل المذهب: هل هو مذهب أو لا؟ فمن أكفر المبتدعة قال: إن مآل المذهب مذهب فيقول: المجسمة كفار لأنه عبدوا جسما وهو غير الله تعالى فهم عابدون لغير الله ومن عبد غير الله كفر ويقول: المعتزلة كفار لأنهم- وإن اعترفوا بأحكام الصفات- فقد أنكروا الصفات ويلزم من إنكار الصفات إنكار أحكامها ومن أنكر أحكامها فهو كافر وكذل المعتزلة تنسب الكفر إلى غيرها بطريق المآل.
والحق: أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشرعية عن صاحبها فإنه حينئذ يكون مكذبا للشرع وليس مخالفة القواطع مأخذا للتكفير وإنما مأخذه مخالفة القواعد السمعية القطعية طريقا ودلالة.
وعبر بعض أصحاب الأصول عن هذا بما معناه: إن من أنكر طريق إثبات الشرع لم يكفر كمن أنكر الإجماع ومن أنكر الشرع بعد الاعتراف بطريقة كفر لأنه مكذب وقد نقل عن بعض المتكلمين أنه قال: لا أكفر إلا من كفرني وربما خفي سبب هذا القول على بعض الناس وحمله على غير محمله الصحيح والذي ينبغي أن يحمل عليه: أنه قد لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعا رجلا بالكفر- وليس كذلك- رجع عليه الكفر وكذلك قال عليه السلام: «من قال لأخيه: كافر: فقد باء بهما أحدهما» وكأن هذا المتكلم يقول: الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين: إما المكفر أو المكفر فإذا أكفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا وأنا قاطع بأني لست بكافر فالكفر راجع إليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alslf.ahlamontada.com
 
كتاب اللعان:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الرضاع:
» كتاب القصاص:
» كتاب الحدود:
» كتاب الأطعمة:
» كتاب الأشربة:

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السلف الصالح :: الفئة الأولى :: الاحاديث الصحيحه :: كتاب اللعان:-
انتقل الى: