السلف الصالح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعوالتابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذالأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 .باب الرهن وغيره:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin
المدير العام


عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 26/08/2015
الموقع : ليبيا /بنغازي

.باب الرهن وغيره: Empty
مُساهمةموضوع: .باب الرهن وغيره:   .باب الرهن وغيره: I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 01, 2015 11:26 pm



1- عن عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعا من حديد».
اللفظة مأخوذة من الحبس والإقامة رهن بالمكان إذا أقام به.
والحديث دليل على جواز الرهن مع ما نطق به الكتاب العزيز ودليل على جواز معاملة الكفار وعدم اعتبار الفساد في معاملاتهم ووقع في غير هذه الرواية ما استدل به على جواز الرهن في الحصر.
وفيه دليل على جواز الشراء بالثمن المؤخر قبل قبضه لأن الرهن إنما يحتاج إليه حيث لا يتأتى الإقباض في الحال غالبا وقد يستدل به على جواز الشراء لمن لا يقدر على الثمن في وقته لما ذكرناه.
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مطل الغني ظلم فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع».
فيه دليل على تحريم المطل بالحق ولا خلاف فيه مع القدرة بعد الطلب واختلفوا في مذهب الشافعي هل يجب الأداء مع القدرة من غير طلب صاحب الحق؟ وذكر فيه وجهان ولا ينبغي أن يؤخذ الوجوب من الحديث لأن لفظة المطل تشعر بتقديم الطلب فيكون مأخذ الوجوب دليلا آخر.
وقوله: «الغني» يخرج عن العاجز الأداء.
وقوله: «فإذا أتبع» مضموم الهمزة ساكن التاء مكسور الباء.
وقوله: «فليتبع» مفتوح الياء ساكن التاء مفتوح الباء الموحدة مأخوذ من قولنا: أتبعت فلانا: جعلته تابعا للغير والمراد هاهنا تبعيته في طلب الحق بالحوالة.
وقد قال الظاهرية بوجوب قبول الحوالة على المليء لظاهر الأمر وجمهور الفقهاء على أنه أمر ندب لما فيه من الإحسان إلى المحيل بتحصيل مقصوده من تحويل الحق عنه وترك تكليفه التحصيل بالطلب.
وفي الحديث إشعار بأن الأمر بقبول الحوالة على المليء معلل بكون مطل الغني ظلما ولعل السبب فيه أنه إذا تعين كونه ظلما والظاهر من حال المسلم الاحتراز عنه فيكون ذلك سببا للأمر بقبول الحوالة عليه لحصول المقصود منه من غير ضرر المطل ويحتمل أن يكون ذلك لأن المليء لا يتعذر استيفاء الحق منه عند الامتناع بل يأخذه الحكم قهرا ويوفيه ففي قبول الحوالة عليه: تحصيل الغرض من غير مفسدة تواء الحق والمعنى الأول أرجح لما فيه من بقاء معنى التعليل بكون المطل ظلما وعلى هذا المعنى الثاني تكون العلة عدم تواء الحق لا الظلم.
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره».
فيه مسائل:
الأولى: رجوع البائع إلى عين ماله عند تعذر الثمن بالفلس أو الموت فيه ثلاثة مذاهب:
الأول: أنه لا يرجع إليه في الموت الفلس وهذا مذهب الشافعي.
والثاني: أنه لا يرجع إليه لا في الموت ولا في الفلس وهو مذهب أبي حنيفة.
والثالث: يرجع إليه في الفلس دون الموت ويكون في الموت أسوة الغرماء وهو مذهب مالك.
وهذا الحديث دليل على الرجوع في الفلس ودلالته قوية جدا حتى قيل: إنه لا تأويل له وقال الاصطخري من أصحاب الشافعي لو قضى القاضي بخلافه نقض حكمه.
ورأيت في تأويله وجهين ضعفين:
أحدهما أن يحمل على الغضب والوديعة لما فيه من اعتبار حقيقة المالية وهو ضعيف جدا لأنه يبطل فائدة تعليل الحكم بالفلس.
الثاني: أن يحمل على ما قبل القبض وقد استضعف بقوله صلى الله عليه وسلم: «أدرك ماله أو وجد متاعه» فإن ذلك يقتضي إمكان العقد وذلك بعد خروج السلعة من يده.
المسألة الثانية: الذي يسبق إلى الفهم من الحديث أن الرجل المدرك هاهنا هو البائع وأن الحكم يتناول البيع لكن اللفظ أعم من أن يحمل على البائع فيمكن أن يدخل تحته ما إذا أقرض رجل مالا وأفلس المستقرض والمال باق فإن المقرض يرجع فيه وقد علله الفقهاء بالقياس على المبيع بعد التفريع على أنه يملك بالقبض وقيل في القياس: مملوك ببدل تعذر تحصيله فأشبه المبيع وإدراجه تحت اللفظ ممكن إذا اعتبرناه من حيث الوضع فلا حاجة إلى القياس فيه.
المسألة الثالثة: لابد في الحديث من إضمار أمور يحمل عليها وإن لم تذكر لفظا مثل: كون الثمن غير مقبوض ومثل: كون السلعة موجودة عند المشتري دون غيره ومثل: كون المال لا يفي بالديون احترازا عما إذا كان مساويا وقلنا: يحجر على المفلس في هذه الصورة.
المسألة الرابعة: إذا أجر دارا أو دابة فأفلس المستأجر قبل تسليم الأجرة ومضي المدة فللمؤجر الفسخ على الصحيح من مذهب الشافعي وإدراجه تحت لفظ الحديث متوقف على أن المنافع هل ينطلق عليها اسم المتاع أو المال؟ وانطلاق اسم المال عليها أقوى.
وقد علل منع الرجوع: بأن المنافع لا تتنزل منزلة الأعيان القائمة إذ ليس لها وجود مستقر فإذا ثبت انطلاق اسم المال أو المتاع عليها فقد اندرجت تحت اللفظ وإن نوزع في ذلك فالطريق أن يقال: إن اقتضى الحديث أن يكون أحق بالعين ومن لوازم ذلك: الرجوع في المنافع فيثبت بطريق اللازم لا بطريق الأصالة وإنما قلنا: إنه يتوقف عن كون اسم المنافع ينطلق عليها اسم المال أو المتاع لأن الحكم في اللفظ معلق بذلك في الأحاديث.
ونقول أيضا: الرجوع إنما هو في المنافع فإنها المعقود عليه والرجوع إنما يكون فيما يتناوله العقد والعين لم يتناولها عقد الإجارة.
المسألة الخامسة: إذا التزم في ذمته نقل متاع من مكان إلى مكان ثم أفلس والأجرة بيده.
قائمة: ثبت حق الفسخ والرجوع إلى الأجرة وإندراجه تحت الحديث ظاهر إن أخذنا باللفظ ولم تخصصه بالبائع فإن خص به فالحكم ثابت بالقياس لا بالحديث.
المسألة السادسة: قد يمكن أن يستدل بالحديث على أن الديون المؤجلة تحل بالحجر ووجه: أنه يندرج تحت كونه أدراك ماله فيكون أحق به ومن لوازم ذلك: أن يحل إذ لا مطالبة بالمؤجل قبل الحلول.
المسألة السابعة: يمكن أن يستدل به على أن الغرماء إذا قدموا البائع بالثمن لم يسقط حقه من الرجوع لاندراجه تحت اللفظ والفقهاء عللوه بالمنة.
المسألة الثامنة: قيل: إن هذا الخيار في الرجوع يستبد به البائع وقيل: لابد من الحاكم والحديث يقتضي ثبوت الأحقية بالمال وأما كيفية الأخذ: فهو غير متعرض له وقد يكن أن يستدل به على الاستبداد إلا أن فيه ما ذكرناه.
المسألة التاسعة: الحكم في الحديث معلق بالفلس ولا يتناول غيره ومن أثبت من الفقهاء الرجوع بامتناع المشتري من التسليم مع اليسار أو هربه أو امتناع الوارث من التسليم بعد موته- فإنما يثبته بالقياس على الفلس ومن يقول بالمفهوم في مثل هذا: فله أن ينفي هذا الحكم بدلالة المفهوم من لفظ الحديث.
المسألة العاشرة: شرط رجوع البائع: بقاء العين في ملك المفلس فلو هلكت لم يرجع لقوله عليه الصلاة والسلام: «فوجد متاعه أو أدرك ماله» فشرط في الأحقية: إدارك المال بعينه وبعد الهلاك: فات الشرط وهذا ظاهر في الهلاك الحسي والفقهاء نزلوا التصرفات الشرعية منزلة الهلاك الحسي كالبيع والهبة والعتق والوقف ولم ينقضوا هذه التصرفات بخلاف تصرفات المشتري في حق الشفيع بها فإذ تبين أنها كالهلكة شرعا: دخلت تحت اللفظ فإن البائع حينئذ لا يكون مدركا لماله.
واختلفوا فيما إذا وجد متاعه عند المشتري بعد أن خرج عنه ثم رجع إليه بغير عوض فقيل: يرجع فيه لأنه وجد ماله بعينه فيدخل تحت اللفظ وقيل: لا يرجع لأن هذا الملك متلقى من غيره لأنه لو تخللت حالة وصادفها الإفلاس والحجر لما رجع فيستصحب حكمها وهذا تصرف في اللفظ بالتخصيص بسبب معنى مفهوم منه وهو الرجوع إلى العين لتعذر العوض من تلك الجهة كما يفهم منه ما قدمنا ذكره أو تخصيص بالمعنى وإن سلم باقتضاء اللفظ له.
المسألة الحادية عشرة: إذا باع عبدين- مثلا- فتلف أحدهما ووجد الثاني بعينه رجع فيه عند الشافعي والمذهب: أنه يرج بحصته من الثمن ويضارب بحصة ثمن التلف وقيل: يرجع في الباقي بكل الثمن فأما رجوعه في الباقي فقد يندرج تحت قوله: «فوجد متاعه أو ماله» فإن الباقي متاعه أو ماله وأما كيفية الرجوع: فلا تعلق للفظ به.
المسألة الثانية عشرة: إذا تغير المبيع في صفته بحدوث عيب فأثبت الشافعي الرجوع إن شاءه البائع بغير شيء يأخذه وإن شاء ضارب بالثمن وهذا يمكن أن يدرج تحت اللفظ فإنه وجده بعينه والتغير حادث في الصفة لا في العين.
المسألة الثالثة عشرة: إطلاق الحديث يقتضي: الرجوع في العين وإن كان قد قبض بعض الثمن وللشافعي قول قدم: أنه لا يرجع في العين إذا قبض بعض الثمن لحديث ورد فيه.
المسألة الرابعة عشرة: الحديث يقتضي الرجوع في متاعه ومفهومه: أنه لا يرجع في غير متاعه فيتعلق بذلك الكلام في الزوائد المنفصلة فإنها تحدث ملك المشتري فليست بمتاع للبائع فلا رجوع له فيها.
المسألة الخامسة عشرة: لا يثبت الرجوع إلا إذا تقدم سبب لزوم الثمن على المفلس بصيغة الشروط فإن المشروط مع الشرط أو عقيبه ومن ضرورة ذلك: تقدم سبب اللزوم على الفلس.
4- جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جعل- وفي لفظ قضى- النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق: فلا شفعة.
استدل بالحديث على سقوط الشفعة للجار من وجهين:
أحدهما: المفهوم فإن قوله: «جعل الشفعة فيما لم يقسم» يقتضي: أن لا شفعة فيما قسم وقد ورد في بعض الروايات: «إنما الشفعة» وهو أقوى في الدلالة لاسيما إذا جعلنا إنما دالة على الحصر بالوضع دون المفهوم.
والوجه الثاني: قوله: «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» وهذا اللفظ الثاني: يقتضي ترتيب الحكم على مجموع أمرين: وقوع الحدود وصرق الطرق وقد يقول قائل ممن يثبت الشفعة للجار: إن المرتب على أمرين لا يلزم ترتبه على أحدهما وتبقى دلالة المفهوم الأول مطلقة وهو قوله: «إنما الشفعة فيما لم يقسم» فمن قال بعدم ثبوت الشفعة: تمسك بها ومن خالفه: يحتاج إلى إضمار قيد آخر يقتضي اشتراط أمر زائد وهو صرف الطرق مثلا وهذا الحديث يستدل به ويجعل مفهومه مخالفة الحكم عند انتفاء الأمرين معا: وقوع الحدود وصرف الطرق.
وقد يستدل بالحديث على مسألة اختلف فيها وهو أن الشفعة هل تثبت فيما لم يقبل القسمة أم لا؟ فقد يستدل به من يقول: لا تثبت الشفعة فيه لأن هذه الصيغة في النفي تشعر بالقبول فيقال للبصير: لم يبصر كذا وإن استعمل أحد الأمرين في الآخر فذلك للاحتمال فعلى هذا يكون في قوله: «فيما لم يقسم» إشعار بأنه قابل للقسمة فإذا دخلت «إنما» المعطية للحصر: اقتضت انحصار الشفعة في القابل.
وقد ذهب شذاذ من الناس إلى ثبوت الشفعة في المنقولات واستدل بصدر الحديث من يقول بذلك إلا أن آخره وسياقه: يشعر بأن المراد به العقار وما فيه الحدودوصرف الطرق.
5- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ فقال: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها» قال: فتصدق بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث, قال: فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها: أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه وفي لفظ: «غير متأثل».
الحديث دليل على صحة الوقف والحبس على جهات القربات وهو مشهور متداول النقل بأرض الحجاز خلفا عن سلف أعني الأوقاف.
وفيه دليل على ما كان أكابر السلف والصالحين عليه من إخراج أنفس الأموال عندهم لله تعالى وانظر إلى تعليل عمر رضي الله عنه لمقصوده بكونه لم يصب مالا أنفس عنده منه.
وقوله: «تصدقت بها» يحتمل أن يكون راجعا إلى الأصل المحبس وهو ظاهر اللفظ ويتعلق بذلك ما تكلم فيه الفقهاء من ألفاظ التحبيس التي منها الصدقة ومن قال منهم: بأنه لابد من لفظ يقترن بها يدل على معنى الوقف والتحبيس كالتحبيس المذكور في الحديث وكقولنا مؤبدة محرمة أو لا تباع ولاتوهب ويحتمل أن يكون قوله: «وتصدقت بها» راجعا إلى الثمرة على حذف المضاف ويبقى لفظ الصدقة على إطلاقه.
وقوله: «فتصدق بها غير أنه لا يباع..» الخ محمول عند الجماعة- منهم الشافعي- على أن ذلك حكم شرعي ثابت للوقف من حيث هو وقف ويحتمل من حيث اللفظ: أن يكون ذلك إرشادا إلى شرط هذا الأمر في هذا الوقف فيكون ثبوته بالشرط لا بالشرع والمصارف التي ذكرها عمر رضي الله عنه: مصارف خيرات وهي جهة الأوقاف فلا يوقف على ما ليس بقربة من الجهات العامة.
والقربى يراد بها ههنا: قربي عمر ظاهرا والرقاب قد اختلف في تفسيرها في باب الزكاة ولابد أن يكون معناها معلوما عن إطلاق هذا اللفظ وإلا كان المصرف مجهولا بالنسبة إليها وفي سبيل الله المسافر والقريبة تقتضي اشتراط حاجته والضيف من نزل بقوم والمراد: قراه ولا تقتضي القرينة تخصيصه بالفقر.
وفي الحديث: دليل على جواز الشروط في الوقوف واتباعها وفيه دليل على المسامحة في بعضها حيث علق الأكل على المعروف وهو غير منضبط وقوله: «غير متأثل» أي: متخذ أصل مال يقال: تأثلت المال: اتخذته أصلا.
6- عن عمر رضي الله عنه قال: حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه فظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه».
7 – وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العائد في هبته كالعائد في قيئه».
وفي لفظ: «فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه».
هذا الحمل تمليك لمن أعطى الفرس ويكون معنى كونه في سبيل الله أن الرجل كان غازيا فآل الأمر بتمليكه: إلى أنه في سبيل الله فسمى بذلك باعتبار المقصود فإن المقصد بتمليكه: أن يستعمله فيما عادته أن يستعمله في وإنما اخترنا ذلك: لأن الذي حمل عليه أرد بيعه ولم ينكر ذلك ولو كان الحمل عليه: حمل تحبيس لم يبع إلا أن يحمل على أنه انتهى إلى حالة لا ينتفع به فيما حبس عليه لكن ذلك ليس في اللفظ ما يشعر به ولو ثبت أنه حمل تحبيس لكان في ذلك متعلق لمسألة وقف الحيوان ومما يدل على أنه حمل تمليك: قوله عليه الصلاة والسلام: «ولا تعد في صدقتك» وقوله: «فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه».
وفي الحديث دليل: على منع شراء الصدقة للمتصدق أو كراهته وعلل ذلك بأن المتصدق عليه ربما سامح المتصدق في الثمن بسبب تقدم إحسانه إليه بالصدقة عليه فيكون راجعا في ذلك المقدار الذي سومح به.
وفي الحديث دليل على المنع من الرجوع في الصدقة والهبة لتشبيهه برجوع الكلب في قيئه وذلك يدل على غاية التنفير والحنفية اعتذروا عن هذا بأن رجوع الكلب في قيئه لا يوصف بالحرمة لأنه غير مكلف فالتشبيه وقع بأمر مكروه في طبيعته لتثبت به الكراهة في الشريعة.
وقد وقع التشديد في التشبيه من وجهين:
أحدهما: تشبيه الراجع بالكلب.
والثاني: تشبيه المرجوع فيه بالقيء.
واجاز أبو حنيفة رجوع الأجنبي في الهبة.
ومنع من رجوع الوالد في الهبة لولده عكس مذهب الشافعي والحديث: يدل على منع رجوع الواهب مطلقا وإنما يخرج الوالد في الهبة لولده بدليل خاص.
8- عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفعلت هذا بولدك كلهم؟» قال: لا, قال: «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم», فرجع أبي فرد الصدقة.
وفي لفظ: «فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور».
وفي لفظ: «فأشهد على هذا غيري».
الحديث: يدل على طلب التسوية بين الأولاد في الهبات والحكمة فيه: أن التفضيل يؤدي إلى الإيحاش والتباغض وعدم البر من الولد لولده أعني الولد المفضل عليه واختلفوا في هذه التسوية: هل تجري مجرى الميراث في تفضيل الذكر على الأنثى أم لا؟ فظاهر الحديث: يقتضي التسوية مطلقا واختلف الفقهاء في التفضيل: هل هو محرم أو مكروه؟ فذهب بعضهم إلى أنه محرم لتسميته صلى الله عليه وسلم إياه جورا وأمره بالرجوع فيه ولاسيما إذا أخذنا بظاهر الحديث: أنه كان صدقة فإن الصدقة على الولد لا يجوز الرجوع فيها فإن الرجوع هاهنا يقتضي أنها وقعت على غير الموقع الشرعي حتى نقضت بعد لزومها ومذهب الشافعي ومالك: أن هذا التفضيل مكروه لا يغر وربما استدل على ذلك بالرواية التي قيل فيها: «أشهد على هذا غيري» فإنها تقتضي إباحة إشهاد الغير ولا يباح إشهاد الغير إلا على أمر جائز ويكون امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة على وجه التنزيه.
وليس هذا بالقوي عندي لأنه الصيغة- وإن كان ظاهرها الإذن- إلا أنها مشعرة بالتنفير الشديد على ذلك الفعل حيث امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم من المباشرة لهذه الشهادة معللا بأنها جور فتخرج الصيغة عن ظاهر الإذن بهذه القرائن وقد استعملوا مثل هذا اللفظ مقصود التنفير.
ومما يستدل به على المنع أيضا: قوله: «اتقوا الله» فإنه يؤذن بأن خلاف التسوية ليس بتقوى وأن التسوية تقوى.
9- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع».
اختلفوا في هذه المعاملة فذهب بعضهم: إلى جوازها على ظاهر الحديث وذهب كثيرون إلى المنع من كراء الأرض بجزء مما يخرج منها وحمل بعضهم هذا الحديث على أن المعاملة كانت مساقاة على النخيل والبياض المتخلل بين النخيل كان يسيرا فتقع المزارعة تبعا للمساقاة وذهب غيره إلى أن صورة هذه: صورة المعاملة وليست لها حقيقتها وأن الأرض كانت قد ملكت بالاغتنام والقوم صاروا عبيدا فالأموال كلها للنبي صلى الله عليه وسلم والذي جعل لهم منها بعض ماله لينتفعوا به لا على أنه حقيقة المعاملة وهذا يتوقف على إثبات أن أهل خيبر استرقوا فإنه ليس بمجرد الاستيلاء يحصل الاسترقاق للبالغين.
10- عن رافع بن خديج قال: كنا أكثر الأنصار حقلا وكنا نكري الأرض على أن لنا هذا ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك فأما بالورق: فلم ينهنا.
11- ولمسلم عن حنظلة بن قيس قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق؟ فقال: لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ولم يكن للناس كراء إلا هذا ولذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون: فلا بأس به.
الماذيانات الأنهار الكبار والجدول النهر الصغير.
فيه دليل على جواز كراء الأرض بالذهب والورق وقد جاءت أحاديث مطلقة في النهي عن كرائها وهذا مفسر لذلك الإطلاق.
وفيه دليل على أنه لا يجوز أن تكون الأجرة شيئا غير معلوم المقدار عند العقد لما فيه من الإجارة على ما ذكر في الحديث من منع الكراء بما على الماذيانات- إلى آخره- فإنه قد دل على أن الجهالة لم تغتفر.
وقد يستدل به على جواز كرائها بطعام مضمون لقوله: (فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به) وجواز هذه الإجارة- أي الإجارة على طعام معلوم مسمى في الذمة-: هو مذهب الشافعي ومذهب مالك: المنع من ذلك وقد ورد في بعض الروايات الصحيحة: ما يشعر بذلك وهو قوله: «نهى عن كراء الأرض بكذا- إلى قوله- أو بطعام مسمى».
12- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى لمن وهبت له).
وفي لفظ: «من أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها ولا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه قد أعطى عطاءا وقعت فيه المواريث».
وقال جابر: إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك فأنا إذا قال: هي لك ما عشت: فإنها ترجع إلى صاحبها.
وفي لفظ لمسلم: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها: حيا وميتا ولعقبه».
العمرى: لفظ مشتق من العمر وهي تمليك المنافع أو إباحتها مدة العمر وهي على وجوه:
أحدها: أن يصرح بأنها للمعمر ولورثته من بعده فهذه هبة محققة يأخذها الوارث بد موته.
وثانيها: أن يعمرها ويشترط الرجوع إليه بعد موت المعمر وفي صحة هذه العمرى خلاف لما فيها من تغيير وضع الهبة.
وثالثها: أن يعمرها مدة حياته ولا يشترط الرجوع إليه ولا التأبيد بل يطلق وفي صحتها خلاف مرتب على ما إذا اشرط الرجوع إليه وأولى هاهنا بأن تصح لعدم اشتراط شرط يخالف مقتضى العقد.
والذي ذكر في الحديث من قوله: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى) يحتمل أن يحمل على صورة الإطلاق وهو أقرب إذ ليس في اللفظ تقييد ويحتمل أن يحمل الصورة الثانية وهو مبين بالكلام بعد في الرواية الأخرى ويحتمل أن يحمل على جميع الصور إذا قلنا: إن مثل هذه الصيغة من الراوي تقتضي العموم وفي خلاف بين أرباب الأصول.
وقوله: (لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث) يريد: أنها التي شرط فيها له ولعقبه ويحتمل أن يكون المراد: صورة الإطلاق ويؤخذ كونه وقعت فيه المواريث من دليل آخر وهذا الذي قاله جابر: تنصيص على أن المراد بالحديث صورة التقييد بكونها له ولقبه.
وقوله: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أمضاها وجعلها للعقب لا تعود وقد نص على أنه إذا أطلق هذه العمرى: أنها لا ترجع وهو تأويل منه ويجوز من حيث اللفظ: أن يكون رواه أعني قوله إنها العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك فإن كان مرويا فلا إشكال في العمل به وإن لم يكن مرويا فهذا يرجع إلى تأويل الصحابي الراوي فهل يكون مقدما من حيث إنه قد تقع له قرائن تورثه العلم بالمراد ولا يتفق تعبيره عنها؟.
13- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره» ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بين أكتافكم.
إذا طلب الجار إعارة حائط جاره ليضع عليها خشبة ففي وجوب الإجابة قولان للشافعي.
أحدهما: تجب الإجابة لظاهر الحديث.
والثاني:- وهو الجديد- أنها لا تجب ويحمل الحديث- إذا كان بصيغة النهي- على الكراهة وعلى الاستحباب إذا كان بصيغة الأمر.
وفي قوله ما لي أراكم عنها معرضين؟ إلى آخره ما يشعر بالوجوب لقوله والله لأرمين بها بين أكتافكم وهذا يقتضي التشديد والخوف والكراهة لهم.
14- عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ظلم قيد شبر من الأرض: طوقه من سبع أرضين».
في الحديث دليل على تحريم الغصب.
والقيد بمعنى القدر وقيد بالشبر: للمبالغة ولبيان أن ما زاد على مثله أولى منه.
وطوقه: أي جعل طوقا له واستدل به على أن العقار يصح غصبه واستدل به على الأرض متعدد بسبع أرضين للفظ المذكور فيه وأجاب بعض من خالف ذلك بأن حمل (سبع أرضين) على سبعة الأقاليم والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alslf.ahlamontada.com
 
.باب الرهن وغيره:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» باب المذي وغيره:
» باب أفضل الصيام وغيره:

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السلف الصالح :: الفئة الأولى :: الاحاديث الصحيحه :: .كتاب البيوع: :: .باب الرهن وغيره:-
انتقل الى: