عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار: السنة والسنتين والثلاث فقال: «من أسلف في شيء فليسلف في كليل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم».
فيه دليل على جواز السلم في الجملة وهو متفق عليه لا خلاف فيه بين الأمة وفيه دليل على جواز السلم فيما ينقطع في أثناء المدة إذا كان موجودا عند المحل فإنه إذا أسلم في الثمرة السنة والسنتين فلا محالة ينقطع في أثناء المدة إذا حملت الثمرة على الرطب.
وقوله عليه السلام: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم» أي إذا كان المسلم فيه مكيلان وقوله: «ووزن معلوم» أي إذا كان معلوما والواو هاهنا بمعنى أو فإنا لو أخذناها على ظاهرها- من معنى الجمع- لزم أن يجمع في الشيء الواحد بين المسلم فيه كيلا ووزنا وذلك يفضي إلى عزة.
الوجود وهو مانع من صحة السلم فتعين أن تحمل على ما ذكرناه من التفصيل وأن المعنى: السلم بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون.
وأما قوله عليه السلام: «إلى أجل معلوم» فقد استدل به من منع السلم الحال وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وهذا يوجه الأمر في قوله: «فليسلف» إلى الأجل والعلم معا والذين أجازوا الحال وجهوا الأمر إلى العلم فقط ويكون التقدير: إن أسلم إلى أجل فليسم إلى أجل معلوم لا إلى أجل مجهول كما أشرنا إليه في الكيل والوزن والله أعلم.