السلف الصالح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعوالتابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذالأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 باب المذي وغيره:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin
المدير العام


عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 26/08/2015
الموقع : ليبيا /بنغازي

باب المذي وغيره: Empty
مُساهمةموضوع: باب المذي وغيره:   باب المذي وغيره: I_icon_minitimeالأحد أغسطس 30, 2015 8:29 am

.

1- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: «يغسل ذكره ويتوضأ».
وللبخاري: «اغسل ذكرك وتوضأ» ولمسلم: «توضأ وانضح فرجك».
المذي: مفتوح الميم ساكن الذال المعجمة مخفف الياء هذا هو المشهور فيه وقيل: فيه لغة أخرى: وهي كسر الذال وتشديد الياء- هو الماء الذي يخرج من الذكر عند الإنعاظ.
وقول علي رضي الله عنه: (كنت رجلا مذاء) هي صيغة مبالغة على زنة فعال من المذي يقال: مذى يمذي وأمذى يمذي.
وفي الحديث فوائد:
أحدها: استعمال الأدب ومحاسن العادات في ترك المواجهة بما يستحيى منه عرفا والحياء تغير وانكسار يعرض للإنسان من تخوف ما يعاتب به أو يذم عليه كذا قيل في تعريفه.
وقوله: (فاستحييت) هي اللغة الفصيحة وقد يقال: استحيت.
وثانيها: وجوب الوضوء من المذي وأنه ناقض للطهارة الصغرى.
وثالثها: عدم وجوب الغسل منه.
ورابعها: نجاسته من حيث إنه أمر بغسل الذكر منه.
وخامسها: اختلفوا هل يغسل منه الذكر كله أو محل النجاسة فقط؟.
فالجمهور على أنه يقتصر على محل النجاسة وعند طائفة من المالكية: أنه يغسل منه الذكر كله تمسكا بظاهر قوله: «يغسل ذكره» فإن اسم الذكر حقيقة في العضو كله وبنوا على هذا فرعا وهو: أنه هل يحتاج إلى نية في غسله؟ فذكروا قولين من حيث إنا إذا أوجبنا غسل جميع الذكر: كان ذلك تعبدا والطهارة التعبدية: تحتاج إلى نية كالوضوء.
وإنما عدل الجمهور عن استعمال الحقيقة في الذكر كله نظرا منهم إلى المعنى فإن الموجب للغسل: إنما هو خروج الخارج وذلك يقتضي الاقتصار على محله.
وسادسها: قد يستدل به على أن صاحب سلس المذي يحب عليه الوضوء منه من حيث إن عليا رضي الله عنه وصف نفسه بأنه كان مذاء وهو الذي يكثر منه المذي ومع ذلك أمر بالوضوء وهو استدلال ضعيف لأن كثرته قد تكون على وجه الصحة لغلبة الشهوة بحيث يمكن دفعه وقد تكون على وجه المرض والاسترسال بحيث لا يمكن دفعه وليس في الحديث بيان صفة هذا الخارج على أي الوجهين هو؟.
وسابعها: المشهور في الرواية: «يغسل ذكره» بضم اللام على صيغة الإخبار وهو استعمال لصيغة الإخبار بمعنى الأمر واستعمال صيغة الإخبار بمعنى الأمر جائز مجازا لما يشتركان فيه من معنى الإثبات للشيء.
ولو روى: يغسل ذكره- بجزم اللام على حذف اللام الجازمة وإبقاء عملها- لجاز عند بعضهم على ضعف ومنهم من منعه إلا لضرورة كقول الشاعر:

محمد تفد نفسك كل نفس
وثامنها: «وانضح فرجك» يراد به: الغسل هنا لأنه المأمور به مبينا في الرواية الأخرى ولأن غسل النجاسة المغلظة لابد منه ولا يكتفي فيه بالرش الذي هو دون الغسل والرواية: «وانضح» بالحاء المهملة لا نعرف غيره ولو روي «انضخ» بالخاء المعجمة لكان أقرب إلى معنى الغسل فإن النضح بالمعجمة- أكبر من النضح بالمهملة.
وتاسعها: قد يتمسك به- أو تمسك به- في قبول خبر الواحد من حيث إن عليا رضي الله عنه أمر المقداد بالسؤال ليقبل خبره والمراد بهذا: ذكر صورة من الصور التي تدل على قبول خبر الواحد وهي فرد من أفراد لا تحصى والحجة تقوم بجملتها لا بفرد معين منها لأن إثبات ذلك بفرد معين: إثبات للشيء بنفسه وهو محال وإنما تذكر صورة مخصوصة للتنبيه على أمثالها لا للاكتفاء بها فيلعلم ذلك فإنه مما انتقد على بعض العلماء حيث استدل بآحاد وقيل: أثبت خبر الواحد وجوابه: ما ذكرناه.
ومع هذا فالاستدلال عندي لا يتم بهذه الرواية وأمثالها لجواز أن يكون المقداد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي بحضرة علي فسمع علي الجواب فلا يكون من باب قبول خبر الواحد وليس من ضرورة كونه يسأل عن المذي بحضرة علي: أن يذكر أنه هو السائل نعم إن وجدت رواية مصرحة بأن عليا أخذ هذا الحكم عن المقداد ففيه الحجة.
وعاشرها: قد يؤخذ من قوله عليه السلام في بعض الروايات: «توضأ وانضح فرجك» جواز تأخير الاستنجاء عن الوضوء وقد صرح به بعضهم وقال في قوله: «توضأ واغسل ذكرك» إن فيه دليلا عن أن الاستنجاء يجوز وقوعه بعد الوضوء وأن الوضوء لا يفسد.
بتأخير الاستنجاء عنه وهذا يتوقف على القول بكون الواو للترتيب وهو مذهب ضعيف وفي هذا التوقف نظر وليعلم بأنه لا يفسد الوضوء بتأخير الاستنجاء إذا كان الاستنجاء بحائل يمنع انتقاض الطهارة.
وحادي عشرها: اختلفوا في أنه هل يجوز في المذي الاقتصار على الأحجار؟ والصحيح: أنه لا يجوز ودليله: أمره صلى الله عليه وسلم بغسل الذكر منه فإن ظاهره يعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال إلا به.
ثاني عشرها: الفرج: هنا هو الذكر والصيغة لها وضعان: لغوي وعرفي فأما اللغوي: فهو مأخوذ من الانفراج فعلى هذا: يدخل فيه الدبر ويلزم منه انتقاض الطهارة بمسه لدخوله تحت قوله: «من مس فرجه فليتوضأ» وأما العرفي: فالغالب استعماله في القبل من الرجل والمرأة والشافعية استدلوا في انتقاض الوضوء بمس الدبر بالحديث وهو قوله: «من مس فرجه» فيحتمل أن يكون ذلك لأنه لم يثبت في ذلك عند المستدل به عرف يخالف الوضع ويحتمل أن يكون ذلك لأنه ممن يقدم الوضع اللغوي على الاستعمال العرفي.
2- عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد عاصم المازني رضي الله عنه قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل [الذي] يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا».
الشيء المشار إليه: هي الحركة التي يظن أنها حدث والحديث أصل في إعمال الأصل وطرح الشك وكأن العلماء متفقون على هذه القاعدة لكنهم يختلفون في كيفية استعمالها مثاله: هذه المسألة التي دل عليها الحديث وهي: من شك في الحدث بعد سبق الطهارة فالشافعي أعمل الأصل السابق وهو الطهارة وطرح الشك الطارئ وأجاز الصلاة في هذه الحالة.
ومالك منع من الصلاة مع الشك في بقاء الطهارة وكأنه أعمل الأصل الأول وهو ترتب الصلاة في الذمة ورأى أن لا يزال إلا بطهارة متيقنة وهذا الحديث ظاهر في إعمال الطهارة الأولى واطراح الشك.
والقائلون بهذا اختلفوا فالشافعي اطرح الشك مطلقا وبعض المالكية اطرح بشرط أن يكون في الصلاة وهذا له وجه حسن فإن القاعدة: أن مورد النص إذا وجد فيه معنى يمكن أن يكون معتبرا في الحكم فالأصل يقتضي اعتباره وعدم اطراحه وهذا الحديث يدل على اطراح الشك إذا وجد في الصلاة وكونه موجودا في الصلاة: معنى يمكن أن يكون معتبرا فإن الدخول في الصلاة مانع من إبطالها على ما اقتضاه استدلالهم في مثل هذا بقوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] فصارت صحة الصلاة أصلا سابقا على حالة الشك مانعا من الإبطال ولا يلزم من إلغاء الشك مع وجود المانع من اعتباره إلغاؤه مع عدم المانع وصحة العمل ظاهرا: معنى يناسب عدم الالتفات إلى لاشك يمكن اعتباره فلا ينبغي إلغاؤه.
ومن أصحاب مالك من قيد هذا الحكم- أعني اطراح الشك- بقيد آخر وهو أن يكون الشك في سبب حاضر كما جاء في الحديث حتى لو شك في تقدم الحدث على وقته الحاضر لم تبح له الصلاة.
ومأخذ هذا: ما ذكرناه من أن مورد النص ينبغي اعتبار أوصافه التي ينبغي اعتبارها ومورد النص: اشتمل على هذا الوصف وهو كونه شك في سبب حاضر فلا يلحق به ما ليس في معناه من الشك في سبب متقدم إلا أن هذا القول أضعف قليلا من الأول لأن صحة العمل ظاهرا وانعقاد الصلاة: سبب مانع مناسب لاطراح الشك وأما كون السبب ناجزا: فإما غير مناسب أو مناسب مناسبة ضعيفة.
والذي يمكن أن يقرر به قول هذا القائل: أن يرى أن الأصل الأول- وهو ترتب الصلاة في ذمته- معمول به فلا يخرج عنه إلا بما ورد فيه النص وما بقي يعمل فيه بالأصل ولا يحتاج في المحل الذي خرج عن الأصل بالنص إلى مناسبة كما في صور كثيرة عمل فيها العلماء هذا العمل أعني أنهم اقتصروا على مورد النص إذا خرج عن الأصل أو القياس من غير اعتبار مناسبة وسببه: أن إعمال النص في مورده لابد منه والعمل بالأصل أو القياس المطرد: مسترسل لا يخرج عنه إلا بقدر الضرورة ولا ضرورة فيما زاد على مورد النص ولا سبيل إلى إبطال النص في مورده سواء كان مناسبا أو لا وهذا يحتاج معه إلى إلغاء وصف كونه في صلاة ويمكن هذا القائل منع ذلك بوجهين.
أحدهما: أن يكون هذا القائل نظر إلى ما في بعض الروايات وهو أن يكون الشك لمن هو في المسجد وكونه في المسجد: أعم من كونه في الصلاة فيؤخذ من هذا: إلغاء ذلك القيد الذي اعتبره القائل الآخر وهو كونه في الصلاة ويبقى كونه شاكا في سبب ناجز إلا أن القائل الأول له أن يحمل كونه في المسجد على كونه في الصلاة فإن الحضور في المسجد يراد للصلاة فقد يلازمها فيعبر به عنها وهذا- وإن كان مجازا- إلا أنه يقوى إذا اعتبر الحديث.
الأول وكان حديثا واحدا مخرجه من جهة واحدة فحينئذ يكون ذلك الاختلاف اختلافا في عبارة الراوي بتفسير أحد اللفظين بالآخر ويرجع إلى أن المراد: كونه في الصلاة.
الثاني:- وهو أقوى من الأول- ما ورد في الحديث: «إن الشيطان ينفخ بين أليتي الرجل» وهذا المعنى يقتضي مناسبة السبب الحاضر لإلغاء الشك.
وإنما أوردنا هذه المباحث ليتلمح الناظر مأخذ العلماء في أقوالهم فيرى ما ينبغي ترجيحه فيرجحه وما ينبغي إلغاؤه فيلغيه والشافعي رحمه الله ألغى القيدين معا- أعني كونه في الصلاة وكونه في سبب ناجز- واعتبر أصل الطهارة.
3- عن أم قيس بنت محصن الأسدية: «أنها أتت بان لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره فبال في ثوبه فدعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله».
4- وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه».
ولمسلم: «فأتبعه بوله ولم يغسله».
الكلام عليه: اختلف العلماء في بول الصبي الذي لم يطعم الطعام في موضعين: أحدهما: في طهارته أو نجاسته ولا تردد في قول الشافعي وأصحابه في أنه نجس والقائلون بالنجاسة اختلفوا في تطهيره: هل يتوقف على الغسل أم لا؟ فمذهب الشافعي وأحمد: أنه لا يتوقف على الغسل بل يكفي فيه الرش والنضح وذهب مالك وأبو حنيفة إلى غسله كغيره والحديث ظاهر في الاكتفاء بالنضح وعدم الغسل لاسيما مع قولها: «ولم يغسله» والذين أوجبوا غسله: اتبعوا القياس على سائر النجاسات وأولوا الحديث.
وقولها: «ولم يغسله» أي غسلا مبالغا فيه كغيره وهو لمخالفته الظاهر محتاج إلى دليل يقاوم هذا الظاهر.
ويبعده أيضا: ما ورد في بعض الأحاديث من التفرقة بين بول الصبي والصبية فإن.
الموجبين للغسل لا يفرقون بينهما ولما فرق في الحديث بين النضح في الصبي والغسل في الصبية: كان ذلك قويا في أن النضح غير الغسل إلا أن يحملوا ذلك على قريب من تأويلهم الأول وهو إنما يفعل في بول الصبية أبلغ مما يفعل في بول الصبي فسمي الأبلغ غسلا والأخف نضحا.
واعتل بعضهم في هذا بأن بول الصبي يقع في محل واحد وبول الصبي يقع منتشرا فيحتاج إلى صب الماء في مواضع متعددة ما لا يحتاج إليه في الصبي وربما حمل بعضهم لفظ النضح في بول الصبي على الغسل وتأيد بما في الحديث من ذكر «مدينة ينضح البحر بجوانبها» وهذا ضعيف لوجهين.
أحدها: قولها: ولم يغسل.
والثاني: التفرقة بين بول الصبي والصبية والتأويل فيه عندهم ما ذكرناه.
وفسر بعض أصحاب الشافعي النضح أو الرش المذكور في بول الصبي فقال: ومعنى الرش: أن يصب عليه من الماء ما يغلبه بحيث لو كان بدل البول نجاسة أخرى وعصر الثوب: كان يحكم بطهارته.
والصبي المذكور في الحديث محمول على الذكر وفي مذهب الشافعي في الصبية خلاف والمذهب: وجوب الغسل للحديث الفارق بين بول الصبي والصبية وقد ذكر في معنى التفرقة بينهما وجوه:
منها: ما هو ركيك جدا لا يستحق أن يذكر ومنها: ما هو قوي وأقوى ذلك ما قيل: إن النفوس أعلق بالذكور منها بالإناث فيكثر حمل الذكور فيناسب التخفيف بالاكتفاء بالنضح دفعا للعسر والحرج بخلاف الإناث فإن هذا المعنى قليل فيهن فيجري على القياس في غسل النجاسة.
وقد استدل بعض المالكية بهذا الحديث على أن الغسل لابد فيه من أمر زائد على مجرد إيصال الماء من جهة قولها: (ولم يغسله) مع كونه أتبعه بماء.
5- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه».
الأعرابي منسوب إلى الأعراب وهم سكان البوادي ووقعت النسبة إلى الجمع دون الواحد فقيل: لأنه جرى مجرى القبيلة كأنمار أو لأنه لو نسب إلى الواحد وهو (عرب) لقيل: عربي فيشتبه المعنى فإن العربي كل من هو من ولد إسماعيل عليه السلام سواء كان ساكنا بالبادية أو بالقرى وهذا غير المعنى الأول.
وزجر الناس له من باب المبادرة إلى إنكار المنكر عند من يعتقده منكرا.
وفيه تنزيه المسجد عن الأنجاس كلها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زجره: لأنه إذا قطع عليه البول أدى إلى ضرر بنيته والمفسدة التي حصلت ببوله قد وقعت فلا تضم إليها مفسدة أخرى وهي ضرر بنيته.
وأيضا فإنه إذا زجر- مع جهله الذي ظهر منه- قد يؤدي إلى تنجيس مكان آخر من المسجد بترشيش البول بخلاف ما إذا ترك حتى يفرغ من البول فإن الرشاش لا ينتشر وفي هذا الإبانة عن جميل أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ولطفه ورفقه بالجاهل.
والذنوب بفتح المعجمة ههنا: هي الدلو الكبيرة إذا كانت ملأى أو قريبا من ذلك ولا تسمى ذنوبا إلى إذا كان فيها ماء والذنوب أيضا: النصيب قال الله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذريات: 59] ولعلقمة:

فحق لشاس من نداك نصيب


وفي الحديث: دليل على تطهير الأرض النجسة بالمكاثرة بالماء وقد قال الفقهاء: يصب على البول من الماء ما يغمره ولا يتجدد بشيء وقيل: يستحب أن يكون سبعة أمثال البول.
واستدل بالحديث: أيضا على أنه يكتفى بإفاضة الماء ولا يشترك نقل التراب من المكان بعد ذلك خلافا لمن قال به.
ووجه الاستدلال بذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه في هذا الحديث الأمر بنقل التراب وظاهر ذلك: الاكتفاء بصب الماء فإنه لو وجب لأمر به ولو أمر به لذكر وقد وردت في حديث آخر ذكر الأمر بنقل التراب من حديث سفيان بن عيينة ولكنه تكلم فيه.

وأيضا فلو كان نقل التراب واجبا في التطهير لاكتفى به فإن الأمر بصب الماء حينئذ يكون زيادة تكليف وتعب من غير منفعة تعود إلى المقصود وهو تطهير الأرض.
6- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط».
قال أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي- المعروف بالقزاز- في كتاب تفسير غريب صحيح البخاري الفطرة تنصرف في كلام العرب على وجوب أذكرها لترد هذا إلى أولاها به.
فأحدها: فطرة الخلق فطره: أنشأه والله فاطر السموات والأرض أي خالقهما والفطرة الجبلة التي خلق الله الناس عليها وجبلهم على فعلها وفي الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة» قال قوم من أهل اللغة: فطرة الله التي فطر الناس عليها: أي خلقه لهم وقيل: معنى قوله: «على الفطرة» أي على الإقرار بالله الذي كان أقر له لما أخرجه من ظهر آدم والفطرة زكاة الفطر.
وأولى الوجوه بما ذكرنا: أن تكون الفطرة ما جبل الله الخلق عليه وجبل طباعهم على فعله وهي كارهة ما في جسده مما هو ليس من زينته.
وقد قال غير القزاز: الفطرة هي السنة.
واعلم أن قوله في هذه الرواية: «الفطرة خمس» وقد ورد في رواية أخرى: «خمس من الفطرة» وبين اللفظتين تفاوت ظاهر فإن الأول ظاهره الحصر كما يقال: العالم في البلد زيد إلا أن الحصر في مثل هذا: تارة يكون حقيقيا وتارة يكون مجازيا والحقيقي مثاله ما ذكرناه من قولنا: العالم في البلد زيد إذا لم يكن فيها غيره ومن المجاز: «الدين النصيحة» كأنه بولغ في النصيحة إلى أن جعل الدين إياها وإن كان في الدين خصال أخرى غيرها وإذا ثبت في الرواية الأخرى عدم الحصر- أعني قوله عليه السلام: «خمس من الفطرة»- وجب إزالة هذه الرواية عن ظاهرها المقتضي للحصر وقد ورد في بعض الروايات الصحيحة أيضا:
«عشر من الفطرة» وذلك أصرح في عدم الحصر وأنص على ذلك.
و«الختان» ما ينتهي إليه القطع من الصبي والجارية يقال: ختن الصبي يختنه ويختنه- بكسر التاء وضمها- ختنا بإسكان التاء.
و«الاستحداد» استفعال من الحديد وهو إزالة شعر العانة بالحديد فأما إزالته بغير ذلك كالنتف وبالنورة: فهو محصل للمقصود لكن السنة وهو الأول: الذي دل عليه لفظ الحديث: فإن الاستحداد استفعال بالحديد.
و«قص الشارب» مطلق ينطلق على إحفائه وعلى ما دون ذلك واستحب بعض العلماء إزالة ما زاد على الشفة وفسروا به قوله صلى الله عليه وسلم: «وأحفوا الشوارب» وقوم يرون إنهاكها وزوال شعرها ويفسرون به الإحفاء فإن اللفظ يدل على الاستقصاء ومنه: إحفاء المسألة وقد ورد في بعض الروايات: «أنهكوا الشوارب» والأصل في قص الشوارب وإحفائها وجهان أحدهما: مخالفة زي الأعاجم وقد وردت هذه العلة منصوصة في الصحيح حيث قال: «خالفوا المجوس» والثاني: أن زوالها عن مدخل الطعام والشراب أبلغ في النظافة وأنزه من وضر الطعام.
و«تقليم الأظافر» قطع ما طال عن اللحم منها يقال: قلم أظفاره تقليما والمعروف فيه: التشديد كما قلنا والقلامة ما يقطع من الظفر وفي ذلك معنيان أحدهما: تحسين الهيئة والزينة وإزالة القباحة من طول الأظفار والثاني: أنه أقرب إلى تحصيل الطهارة الشرعية على أكمل الوجوه لما عساه يحصل تحتها من الوسخ المانع من وصول الماء إلى البشرة وهذا على قسمين:
أحدهما: أن لا يخرج طولها عن العادة خروجا بينا وهذا الذي أشرنا إلى أنه أقرب إلى تحصيل الطهارة الشرعية على أكمل الوجوب فإنه إذا لم يخرج طولها عن العادة يعفى عما يتعلق بها من يسير الوسخ وأما إذا زاد على المعتاد: فما يتعلق بها من الأوساخ مانع من حصول الطهارة وقد ورد في بعض الأحاديث: الإشارة إلى هذا المعنى.
و«نتف الآباط» إزالة ما نبت عليها من الشعر بهذا الوجه أعني النتف وقد يقوم مقامه ما يؤدي إلى المقصود إلا أن استعمال ما دلت عليه السنة أولى.
وقد فرق لفظ الحديث بين إزالة شعر العانة وإزالة شعر الإبط فذكر في الأول الاستحداد وفي الثاني النتف وذلك مما يدل على رعاية هاتين الهيئتين في محلهما ولعل السبب فيه: أن الشعر بحلقه يقوى أصله ويغلظ جرمه ولهذا يصف الأطباء تكرار حلق الشعر.
في المواضع التي يراد قوته فيها والإبط إذا قوي فيه الشعر وغلظ جرمه كان أفوح للرائحة الكريهة المؤذية لمن يقاربها فناسب أن يسن فيه النتف المضعف لأصله المقلل للرائحة الكريهة وأما العانة: فلا يظهر فيها من الرائحة الكريهة ما يظهر في الإبط فزال المعنى المقتضي للنتف رجح إلى الاستحداد لأنه أيسر وأخف على الإنسان من غير معارض.
وقد اختلف العلماء في حكم الختان فمنهم من أوجبه وهو الشافعي ومنهم جعله سنة وهو مالك وأكثر أصحابه: «هذا في الرجال وأما في النساء: فهو مكرمة على ما قالوا».
ومن فسر الفطرة بالسنة فقد تعلق بهذا اللفظ في كونه غير واجب لوجهين أحدهما: أن السنة تذكر في مقابلة الواجب والثاني: أن قرائنه مستحبات.
والاعتراض على الأول: أن كون السنة في مقابلة الواجب وضع اصطلاحي لأهل الفقه والوضع اللغوي غيره وهو الطريقة ولم يثبت استمرار استعماله في هذا المعنى في كلام صاحب الشرع صلوات الله عليه وإذا لم يثبت استمراره في كلامه صلى الله عليه وسلم لم يتعين حمل لفظه عليه.
والطريقة التي يستعملها الخلافيون من أهل عصرنا وما قاربه أن يقال: إذا ثبت استعماله في هذا المعنى فيدعى أنه كان مستعملا قبل ذلك لأنه لوكان الوضع غيره فيما سبق لزم أن يكون قد تغير إلى هذا الوضع والأصل عدم تغيره.
وهذا كلام طريف وتصرف غريب قد يتبادر إلى إنكاره ويقال: الأصل استمرار الواقع في الزمن الماضي إلى هذا الزمان أما أن يقال: الأصل انعطاف الواقع في هذا الزمان على الزمن الماضي: فلا لكن جوابه ما تقدم.
وهو أن يقال: هذا الوضع ثابت فإن كان هو الذي وقع في الزمان الماضي فهو المطلوب وإن لم يكن ن فالواقع في الزمان الماضي غيره حينئذ وقد تغير والأصل عدم التغير لما وقع في الزمن الماضي فعاد الأمر إلى أن الأصل استصحاب الحال في الزمن الماضي وهذا- وإن كان طريفا كما ذكرناه- إلا أنه طريق جدل لا جلد والجدلي في طرائق التحقيق: سالك على محجة مضيق وإنما تضعف هذه الطريقة إذا ظهر لنا تغير الوضع ظنا وأما إذا استوى الأمران فلا بأس به.
وأما الاستدلال بالاقتران: فهو ضعيف إلا أنه في هذا المكان قوي لأن لفظة الفطرة لفظة واحدة استعملت في هذه الأشياء الخمسة فلو افترقت في الحكم- أعني أن تستعمل في بعض هذه الأشياء لإفادة الوجوب وفي بعضها لإفادة الندب- لزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين وفي ذلك ما عرف في علم الأصول وإنما تضعف دلالة الاقتران ضعفا إذا استقلت الجمل في الكلام ولم يلزم منه استعمال اللفظ الواحد في معنيين كما جاء في الحديث:
«لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة» حيث استدل به بعض الفقهاء على أن اغتسال الجنب في الماء يفسده لكونه مقرونا بالنهي عن البول فيه والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alslf.ahlamontada.com
 
باب المذي وغيره:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» .باب الرهن وغيره:
» باب أفضل الصيام وغيره:

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السلف الصالح :: الفئة الأولى :: الاحاديث الصحيحه :: باب المذي وغيره:-
انتقل الى: